لم يكن "عمر - كريم عبد العزيز" يفهم أو يدرك معنى كلمة تاجر مخدرات، وهو يشاهد المشهد الأخير في حياة والده التي انتهت على يد ضابط الشرطة.. المؤسف أن الأب مات بعدما ألقى بسلاحه الذي كان يقاوم به الشرطة ولم تكن هناك حاجة لقتله، خاصة أن الضابط الذي قتله وعده أن يمر الأمر بسلام إذا ما ألقى بسلاحه.. كل ما استوعبه عقله الصغير وقتها أن الشرطة قتلت والده، وأن من يرتدي البذلة الميري لا كلمة له، ولا وعد يؤتمن عليه.. خاصة بعدما أجبرت الداخلية والدته على أن تحمل لقب "أرملة"، بينما حمل هو وأخوته لقب "أيتام"، لذا منح نفسه وكيانه طوعاً بمحض اختياره لصديق والده تاجر المخدرات "حسن حسني" عندما عرض على والدته أن يتكفل بتربيته ورعايته حتى يكمل الابن الأكبر مشوار والده، وينفق على باقي أشقائه الصغار الذين لا يزالون "كوم لحم" في طور النمو والتكوين، لكن هدفاً آخر كان في ذهنه بخلاف كل ذلك.. لا داعي بالطبع أن أخبركم أنه الانتقام من كل ما هو شرطي وبوليسي، فهذا إهانة لذكائكم..
تمر الأعوام، ويضيع هدف الانتقام بموت الضابط الذي قتل والد "عمر".. مات الضابط الذي لم يفِ بوعده أو كلمته، لكنه حمل لقب "الشهيد" ونوط الواجب والتكريم، والاحترام الذي أحاط سيرته بعد وفاته، بينما حمل "عمر" وإخوته عار والدهم الذي سيظل المجتمع والناس طوال الوقت يتذكرون أنه مات في مطاردة مع الشرطة، لكن هدف الانتقام لم يمت، وثأر الوالد أصبح مع الداخلية بأكملها..
لكن كل هذه التربية في الجو الملوث برائحة الخطيئة، ووساوس الشيطان، والأموال الحرام من تجارة المخدرات لم تقتل في "عمر" صفات أخرى حميدة، على رأسها العطف على المساكين، وحب الخير للآخرين..
الآن جاء الدور على "عمر" ليرد الجميل لصديق والده الذي رباه، وصرف عليه كما لو كان ابنه المولود من صلبه، لكن رد الجميل لم يكن سوى إنقاذ ابنة عمه تاجر المخدرات "شيري" من قضية تعاطي مخدرات تم ضبطها وهي في حيازتها، لتحين الفرصة للانتقام من الداخلية في أول مواجهة حقيقية، وينجح "عمر" بالفعل في عمل فخ محكم للضابط "أحمد سعيد عبد الغني" الذي قبض على "شيري"، عن طريق سرقة حرز مخدرات منه، ومساومته على التلاعب في أقواله وتغيير شهادته أمام النيابة، وإلا فلن يعود الحرز إليه ويفقد وظيفته، وربح "عمر" الجولة الأولى ضد الداخلية، لكنه اكتسب عداء ضابط عنيد لن يهدأ حتى يرد اعتباره..
مع الوقت اتضحت الحقيقة الخفية التي دفنها تاجر المخدرات "حسن حسني" حية، وأهال التراب عليها، لتتوارى في الظل، لكنها لم تمت.. فصديق الوالد هو الذي وشى به من أجل الانتقام منه بعد ما اختلفا على إحدى صفقات المخدرات، وتحالف مع ضابط المخدرات المرتشي لقتل والد "عمر" وترضيته بملغ مادي محترم!
الآن وضحت الصورة، وعرف "عمر" عدوه الحقيقي الذي عليه الانتقام منه.. عرف ذلك بعد أن صار متورطا في أكثر من قضية، ومات الضابط الشريف الذي كان يحاربه، وصارت أسرته وحبيبته مهددين بالموت في أي لحظة، لكنه لن يتراجع عن تصحيح هدفه، والانتقام من العدو الحقيقي..
وحانت لحظة المواجهة الدامية، وامتلك "عمر" زمام الأمور، ليدرك أن في يديه القدرة على تحديد مصيره، لتتغير مقولته الشهيرة:
"في البلد اللي إحنا فيها دي.. ابن الظابط بيطلع ظابط وابن الدكتور بيطلع دكتور وابن تاجر المخدرات بيطلع تاجر مخدرات".
إلى مقولة أخرى أكثر فاعلية:
"ربنا خلق لكل واحد فينا عقل يركبه عشان يروح للمكان اللي هو عايزه".
هكذا قال ولكن بطريقة عملية وفعلية، بعد أن انتصر على الشر الحقيقي الذي رمّل والدته ويتّم أخوته، وبعد أن اضطر إلى قتله رغم أنه لم يكن يحب ذلك.
والآن
لو كنت مكان عمر
ووجدت نفسك ابناً لتاجر مخدرات
قتلته الشرطة وتكفّل بتربيتك قاتل والدك!
أكنت ستمتهن مهنة أخرى شريفة
أم أن قدَرك كان سيجبرك
على أن ترث مهنة والدك غير المشروعة؟
وهل كنت ستنتقم
بعد أن تتضح لك الحقيقة
أم كنت ستتجاهل الأمر
وتتركه لعدالة السماء؟